كلمة
الاقتصاد بالمعنى الاصطلاحي حي : تدبير شؤون المال ، إما بتكثيره ، وتأمين إيجاده
، ويبحث فيه علم الاقتصاد ، وإما بكيفية توزيعه ، ويبحث فيه النظام الاقتصادي .
المبدأ الرأسمالي الذي
يقوم على عقيدة فصل الدين عن الحياة ، كان أبرز ما فيه هو الاقتصاد ورأس المال ،
واتسع حتى ضاقت الأرض بالمنجزات الاقتصادية ، من صناعة النفط ، إلى الصناعات
الاستهلاكية والغذائية والمدنية والعسكرية ، وقطاع المصارف والبورصات المالية
والتجارية ،وضخامة الشركات العملاقة ، وأذرعها المتفرعة الممتدة في جميع أنحاء
المعمورة ، كالحاسوب ، والحسابات وتدقيقها ، والإنترنت وأجهزة الاتصال الفضائية
وغيرها ، حتى أصبح الاتصال بين الناس على سطح الكرة الأرضية بسرعة الضوء .
كيف يعيش العالم اليوم ،
رغم المعطيات الرأسمالية ، والمنجزات الصناعية ، والتراكمات الإنتاجية ، التي
وفرها القائمون على المبدأ الرأسمالي ، وطرحوها في الأسواق حتى ضاقت بها المتاجر
والمخازن والساحات ، حفلت بها قوافل الشاحنات ! .
جعلوا الواقع مصدر
تفكيرهم ، والنفعية مقياسا لأعمالهم ، والأكثرية لتقرير الصواب عندهم ؛ جعلوا
السيادة للشعب ، والأمة مصدر السلطات ؛ فأقاموا الناس على أساس هش وأرضية متميعة
مترجرجة ، لا تستقر على حال ، وجعلوا الحل الوسط فيصلا ، فلا حدود للقيم ، ولا
ميزان للمثل . وهكذا فالقوي بقوته وتفوقه ، والضعيف على ذله ومسكنته ؛ تأكل الكلاب
الوجبات الدسمة ، ويخصص لها أطباء يعالجونها ، وحمامات تتبرد فيها ، في حين أن
الملايين من الهياكل البشرية بين الحياة والموت ، يتساقطون في الشوارع ، وملايين
آخرين يقذف بهم الظلم إلى المهاجر تاركين منازلهم وديارهم نجاة بحياتهم ، وملايين
أمثالهم يمنعون من ركوب الحافلات ودخول المتنزهات والالتحاق بالجامعات لسواد
بشرتهم .
ما هو هذا البناء الذي
أوصل البشرية إلى هذا الدرك الأسفل من العناء والشقاء ؟ وما هي الأسس التي يقوم
عليها هذا البناء ؟! ما هي نظرتهم للحياة ؟ ما هو فهمهم للمشاكل ؟ وما هو علاجهم
لها ؟ .
بعد أن تفقدت قواعد
المبدأ الرأسمالي ، وتركزت عندهم فكرة فصل الدين عن الحياة ، وأمنوا واستسلموا
لقيادتها ، زجوا بعقيدة الملايين منهم العقيدة النصرانية ووضعوها في أيدي حفنة من
رجال الدين وحصروا هذه العقيدة الروحية في سراديب الكنائس ، وتفرغوا للحياة الدنيا
وانساقوا وراء الممتع والملذات وركضوا وراء المال والجنس مبعدين عن أذهانهم شيئا
يسمى اليوم الآخر .
هذه الأسس الثلاثة ، وهي :-
1.
الندرة
النسبية : وهي عدم كفاية السلع والخدمات المحدودة لإشباع الحاجات المتجددة
والمتعددة .
2.
القيمة
: قيمة الشيء المنتج ، وهي أساس الأبحاث الاقتصادية وأكثرها دراسة .
3.
الثمن : والدور الذي يقوم
به في الإنتاج والاستهلاك والتوزيع ، وهو حجر الزاوية في النظام الاقتصادي الرأسمالي
.
بحثوا في هذا الإنسان ناحيتين اثنتين هما :
الحاجات التي تتطلب الإشباع ، ووسائل إشباعها من سلع وخدمات . فقالوا إن هذه
الحاجات لا تكون إلا مادية ، وتوسعوا فيها ، حتى جعلوها بلا حدود ، أي قالوا إن
الحاجات غير محدودة وهي متعددة ومتجددة .
ثم قالوا أن وسائل
الإشباع وهي السلع والخدمات مهما كثرت فهي محدودة . فيبقى الفارق بين الحاجات غير
المحدودة ، ووسائل الإشباع المحدودة واسعا جدا ؛ فلا تكفي الوسائل المحدودة لإشباع
الحاجات غير المحدودة .
وهنا تبرز عندهم المشكلة
الاقتصادية .
0 التعليقات :
إرسال تعليق